-A +A
هدى أبلان
محاولة اغتيال السكرتير الصحفي للرئيس اليمني يحيى العراسي هي حلقة في سلسلة حلقات الموت الذي يراد له أن يكون سمة يمنية بامتياز. فمثل هذه السلوكيات الإجرامية المدانة دينيا وأخلاقيا ووطنيا هي الوجه الآخر لضيق الأفق، وقبح الأخلاق السياسية والفكرية والإعلامية عند بعض الأطراف السياسية، ومن وراءها من أيد عابثة بأرواح الناس. تعمل في الظل السياسي كأدوات جاهزة لإدارة ثقافة الموت مع كل من يختلف معها، وحين يعجز الخطاب الإنساني المشترك عن تقديم نفسه كبديل لهذه الثقافة العدمية الناجزة في تحقيق أكبر قدر من المكاسب في طليعتها ضحايا الغدر الوطني.
إن تسارع رقعة رفض الآخر وإقصائه أو محاولة إلغائه من على وجه الأرض مؤشر خطير يؤكد وجود أطراف ظاهرها الديمقراطية وباطنها ديكتاتورية مشبعة بالدماء تسعى مرحليا إلى الاستئثار باللعبة السياسية؛ عبر إقصاء الخصوم بأية وسيلة من وسائل الغياب. و العراسي واحد من جهابذة الإعلام الذين عملوا طوال عقود في مواقع إعلامية مختلفة، كان خلالها نموذجا للإعلامي الوطني الواسع الرؤى والأفكار ، المتحرر من القيود المناطقية والطائفية والمذهبية، واستهدافه يأتي بعد حملات إعلامية تحريضية ظالمة فشلت في تحقيق أهدافها. كأنما أرادت إلى جانب تحقيق مكاسبها في الإقصاء إثبات أن الوطنيين الحقيقيين ليس من حقهم أن يكونوا ضمن دائرة صناعة القرار، وإنما المطلوب إنتاج نماذج هشة وليست صاحبة مواقف في رؤيتها الوطنية والمهنية، وفي مثل هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها بلادنا التي تستدعي رجالا على قدر كبير من الحيادية والمهنية.

إن هذا الاستهداف الذي يعبر عن عقليات مأزومة تعيش خارج نطاق الحياة والحضارة معا. أثار استهجان واستنكار العديد من الناس والقوى الفاعلة في كل المجتمع اليمني، كونه تعبيرا عن مهاوي الردى الذي يراد لنا أن نلقى فيها.. وما العراسي إلا نموذج لإعلامي وطني مثابر يراد له أن يتلاشى في حمى المكايدات والمناكفات السياسية الضيقة والتي لا تعرف غير الموت بضاعة دائمة لتحقيق مكاسب سياسية رخيصة.